الجمعة، 16 يوليو 2010

المحور الرابع : شماعة العلمانية التالفة

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

إذا رجعنا للتاريخ و بالتحديد للعصور الوسطى ، و اتجهنا إلى أوروبا في ذلك الوقت سنجد حياة كئيبة مظلمة متخلفة ، تسود فيها سلطة القساوسة و كانت العلوم بشتى أنواعها محاربة من قبل الكنيسة إلا ما يرون أنها تناسب كتبهم المقدسة ، حيث كانت أوروبا تخضع تحت سيطرة الكنسية فكانت هي لها السلطة الكبرى عليهم ، بل كانت توزع صكوك الغفران و هي صك من البابا بأن حامل هذا الصك رجل فاضل و سيدخل الجنه لأنه أرضى البابا ، و العكس صحيح فمن لا يرضي القسيس فإن الله لا يرضى عنه و أن مصيره النار مهما فعل فطالما ذلك الرجل لم يرضي القساوسة فهو مغضوب عليه ، فأي شخص كان يأتي بعلوم مخالفة لتعاليم الكنيسة كان يقتل و يعذب ، فتفشى الجهل في أوروبا واستحقت تلك العصور بكل جدارة لقب العصور المظلمة ، و بعد ازدهار المنهجية العلمانية و تطورها "بقضية مفصلة" قامت بتهميش دور الكنيسة ، و السماح للعلوم بمختلف مجالاتها بالدخول للدولة للإستفادة منها وجعلت الدين لا يتعدى أبواب المنزل أو الكنيسة ، و بذلك استطاعت تلك الدول الإزدهار و التقدم ، باختصار هذه قصة ظهور العلمانية و سبب ظهورها .


فلما دخلت العلمانية إلى العالم الإسلامي قامت بإرجاع السبب و إلقاء اللوم على رجال الدين و أن الدين هو سبب التخلف ، فالإسلام بنظرهم أسر المرأة و منع العلوم و ما زال يمنع كل ما يدعو للحداثة و التطور فشبهوا التخلف الحاصل بالدولة الإسلامية بالتخلف الذي كانت تعيش فيه أوروبا بسبب سلطة رجال الدين على هذا المجتمع لذلك يجب وضع الدين الإسلامي و حصره في المنزل أو المساجد فقط ، أما التطور و الحداثة فنتركه للعلمانية لتقوم بواجبها لرقي المجتمع ، فمن هذا المنظور دخلت العلمانية إلى المجتمع الإسلامي ، فكان ما حصل في العصور المظلمة هي شماعة العلمانيين و هي حجتهم لعزل رجال الدين في نطاق معين لا يخرجون عنه ، فمثلما كان رجال الدين المسيح سبباً في تخلف أمتهم فرجال الدين المسلمين أيضا كذلك في نظرهم ، فهم ضد العلوم و التطور و الحداثة و التنوير.

فعلاً هناك بعض الأمور التي قد تكون صعبة و تظهر بمظهر مقنع لكن أساسها بعيد كل البعد عن الصحة وهذا ما يقوم به العلمانيون و يحاولون إظهاره بشكل عقلاني قد يتقبله العقل بشكل سريع إذا لم يكن واعياً بأن أساس هذا الإدعاء هو باطل في باطل ، فإذا رجعنا مرة أخرى للتاريخ بل إلى نفس الحقبة الزمنية التي كانت تعيش فيها أوروبا بالعصور مظلمة سنجد أن الأمة الإسلامية مليئة بالعلماء في شتى المجالات ، فعندما نرى أبو الكيمياء و هو جابر ابن حيان مؤسس علم الكيمياء تلميذ الإمام جعفر الصادق صلوات الله عليه ، و ابن سينا و الحسن ابن الهيثم و غيرهم الكثير الكثير من العلماء فلم يكن جابر ابن حيان عالماً دينياً فقط بل كان فقيهاً متديناً ، فالدين الإسلامي لم يكن في يوماً من الأيام ضد التطور و العلم النافع في الوقت الذي كانت فيه الكنيسة ترفض جميع أنواع العلوم و تقتل العلماء ، فبرع العلماء المسلمين في الوقت ذاته بالكيمياء و الفيزياء و الطب .

فما السبب الحقيقي إذن وراء تخلف هذه الأمة ، تخلف الأمة الإسلامية سيكون أمر أكثر من طبيعي عندما أصبح الجهال بالدين هم الخلفاء و الأتقياء الورعين هم من يعذبون و يسجنون و يقتلون فلما اهتم هؤلاء الخلفاء المزعومين بمجالس الخمر و الرقص ، عندما يحارب الخمارين الأتقياء فنتيجة حتمية لذلك هو تخلف الدولة الإسلامية ، فنظرة بسيطة لتاريخ الدولة الأموية و العباسية بالأخص سنجد ان من كان يعرف بمجالس السكر و الدعارة كيزيد ابن معاوية مثلاً و هارون الرشيد و الكثير الكثير من مدعي الخلافة الذين تركوا الأمة الإسلامية تضيع و هم بين كؤوس الخمر و الراقصات و أهل البيت الأتقياء الورعين يعذبون في السجون و يقتلون ، أمر طبيعي أن تتخلف الأمة الإسلامية عندما يترك مدعي الخلافة كل الأخطار المحدقة بالإسلام و يهتمون بمطاردة أبناء علي ابن ابي طالب صلوات الله عليه لقتلهم و النيل منهم !!

سؤال أخير : أليست مجالس الشرب و الغناء الرقص و الدعارة تسمى الآن حرية شخصية من قبل العلمانيين؟

ليست العلمانية إلا اتباع للهوى و لما اتبع المسلمون أهواءهم ضلوا و تخلفوا، و عندما اتبع بعضهم قول نبيهم "اطلبوا العلم ولو في الصين" و أخذوا العلوم من الهند و الصين و اليونان فأخرجوا لنا علماء بل مؤسسين للعلوم .

فالعصور المظلمة ليست إلا شماعة تالفة للعلمانيين كي يروجوا لمنهجيتهم و الدول الإسلامية ليست بحاجة لهم ليتطوروا ولكنها بحاجة لتقوى وورع و إخلاص لله جل وعلا و طلب العلوم و السعي وراء تطويرها فقط !

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

للأسف مازالت لديهم تلك النظرة السوداوية

أن الدين ضد التقدم والتطور

أعجبتني العبارة: ليست العلمانية إلا اتباع الهوى

بالفعل هي اتباع للهوى والشهوات



أحسنت ، بورك قلمك

واصل ما كتبت

بانتظار البقية

Yousef يقول...

غير معرف

اشكرك أخي الكريم على التعقيب الجميل

تسعدني متابعتك

و يعطيك العافية على المرور و التعقيب

Haydar Al.Maateeq يقول...

لدي وقفه أخي

ان العلمانيين قد يستمرون في نظرتهم أن يفصلوا الدين عن السياسة وانه الدين يحيز فقط في دور العبادة
لانه اللعبة السياسية الحاكمة أوان انتصار الاسلام وانتشاره كانت على ايدي غاشمة ظالمه .، وهذا ما جعلت هذه النظرة متكونه في عقول البشر إذ ان الظلم والجور كان يجول في ساحات الإسلام

حتى هذا اليوم إذ جاءت النظرة العامة العالمية للاسلام بتصورفات بن لادن وغيره بان الاسلام دين الإرهاب والقتل !


وايضا اخي العزيز لا تنسى ان الدولة الاسلامية لم تكن تدعم العلم ، فلذا كان حث الائمة على العلم
ولو تلاحظ ان علام البلاط اي العلماء الذين كانت لهم علاقة بالحكام قلــه و ( بطقه ) بعد
أما ما يجيب الفخر فهم ابناء واصحاب الائمة عليهم السلام

ولا تنسى أخي
ان الجهل المركب عند الناس هناك خسّرت العرب الكثير من التطور والازدهار حيث انهم لم يستغلوا الائمة حق استغلال

فكما جاء في حديث لامير المؤمنين عليه السلام حينما وصلوا إلى نهر دجله اثناء مواجهة عدوه اللدود معاوي
قال لو شئت لاتخذت لكم من هذا الماء نوراً
فلو كان احدهم ذكياً لسأل الإمام كيف ؟
ولكان الامام قد شرح لنا كيف ان نستخدم الماء وقوداً للحياة

انصح الكل الاطلاع على ( الإمام الصادق كما عرفه علماء الغرب ) وحينها ستجدون العجب العجاب

مشكور يوسف المطوع..،
واستمـــــــــر

متابعين بشغف وصمدي :) 

Yousef يقول...

أحسنت فيجب أن يعلم الجميع ان الإسلام الحقيقي هو الذي يحث على العلم و هو اللذي أنتج العلماء ، و سبب ضياع هذه الأمة هو ابتعادها عن الإسلام الحق و انقيادها لحقبة ليست بقصيرة وراء الخلفاء الفاسدين مما أفسد صورة الدين الإسلامي ...


أشكرك حيدر على الوقفة و على المتابعة :)