« فقال لهم رسول الله
ناقة الله و سقياها ، فكذبوه قعقروها ... »
عندما
نستقرئ سنن الله في الأرض التي لا تتغير ولا تتبدل ( سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )
فنتدبر فيها نجد ان الأمر تماماً كما تشير إليه الآية الكريمة ، سنن عبارة عن خطوط
عريضة لا تتغير و لا تتبدل بتقادم الزمن الا ببعض حيثياتها البسيطة !
فهذه آية
صالح ع ناقة الله عقروها من استكبروا من قومه فبعثوا لها أشقاها !
وهذا علي
آية الله العظمى وآية نبيه
فكما قال
صالح ع لقومه ( ناقة الله و سقياها )
قال الرسول
لقومه ( إني
تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهم )
وقال : ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ....) !
فكانت فتنة
قوم رسول الله محمد ص بعلي و القرآن ع كفتنة ثمود بالناقة وسقياها (انا مرسلو الناقة فتنة لهم )
فردد صالح
ع مذكراً قومه بالاحسان لتلك الآية وردد رسول الله موصياً بالمودة في القربى (قل لا اسالكم عليه اجرا الا المودة
في القربى ) والمودة في القربى مؤولة
بالولاية لهم حيث قال الله (يا أيها الذين آمنوا لا
تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) أسمى التولي
بالقاء المودة ، فحرم الله تولي اعداءه و أمر بتولي أولياءه فنلقي إليهم بالمودة
اي الولاء و الطاعة .
و كأن تنزيل آية صالح ع في القرآن تحكي عن تأويل يضج له فؤاد الموالي
لأهل البيت ع ! ، نعم جرت تلك الآية بسننها على الأمة الإسلامية فكانت ناقة الله
أو آية الله تؤول بالإمام علي ع (ويا قوم هذه ناقة الله لكم اية ) كما يصف نفسه روحي فداه : ( ما لله آية أكبر مني ) فعلي آية الله بل أعظم
آيات الله لأعظم نبي محمد ص ، و أما سقياها ( زادها ) مؤولة بالقرآن الكريم فهو زاد
الأئمة الطاهرين كما يقول أمير المؤمنين ( كتاب الله تبصرون به و تنطقون به و
تسمعون به ) فالإمام علي ع لا يتجاوز القرآن ( لا يسبقونه بالقول وهم بأمره
يعملون ) ، إلا أن انقلاب السقيفة سعى
جاهداً لمحاربة آية الله ككبراء قوم صالح فلتحك
لنا تلك الآية قصة سقيفتهم ( قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم
اتعلمون ان صالحا مرسل من ربه قالوا انا بما ارسل به مؤمنون ، قال الذين استكبروا
انا بالذي امنتم به كافرون ، فعقروا الناقة وعتوا عن امر ربهم .. ) هي الخطوات ذاتها تمثلت في عقر آية الله
ورسوله ، لذلك سمعنا تلك الصرخة النشاز التي تعرب عن مقاصد المنافقين ( تلقفوها يا بني أمية تلقف الكرة فوالله ما من جنة ولا نار ) ! هي ذات الكلمة التي نطق فيها قوم صالح ع ! مع اختلاف الصياغة، فقام المنافقين بمحاربة القرآن الصامت و الناطق جنباً إلى جنب فكانا طريدان شريدان جيل بعد جيل ،
فتجلا لنا كفر المنافقين برسول الله ص بمخالفة وصيته و لو كانوا معتقدين بحقيقته و
حقيقة كلامه لما عصوه.
فصالح ع يقول موصياً : ( ناقة
الله و سقياها ) ، فعقورها !
ورسول الله
ص يقول موصياً : ( القرآن و أهل بيتي) ، فتركوهما و حاربوهما !
بل و بعد أن
تولى الإمام علي ع زمام الأمور لم تتركه قوى الشيطان التي خاضت معه الحروب حتى
انتهى المطاف بأن ينبعث أشقاها ( ابن ملجم ) لعنه الله ليطبر رأس الإمام علي ع في
محراب صلاته فيقتله فكان عاقر ناقة صالح أشقى الأولين و قاتل أمير المؤمنين أشقى الآخرين
قال النبي (صلى الله عليه وآله): " يا علي، أشقى الأولين عاقر الناقة، وأشقى الآخرين قاتلك "
( فدمدم عليهم ربهم بذنبهم )
و أخذت
الأمة الإسلامية تتجرع بعد ذلك تبعات شقاوة القوم لنبذهم وصية رسول الله و محاربة
كتاب الله و أوصياءه فكانت تلك الأمة بانحدار يتلوه انحدار وخيبة تلو خيبة حتى
توارى حجة الله الإمام المهدي عجل الله فرجه عن الأنظار منتظراً الفرج بأن تستعيد
هذه الأمة رشدها و لو بعدة كعدة أهل بدر (313) فيكونوا قادة يظهر الله دينه بهم و
بجيشهم على الدين كله و لو كره الكافرون المنافقون !
فأي خيبة
تلك أن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه و من القرآن إلا رسمه و أن نكون سبباً في غيبة
ولينا و تظاهر الزمان علينا ! فحال الرسول ص الذي يرى أعمالنا ومآلنا بحسرة ( فسيرى الله عملكم ورسوله و المؤمنون ) هو هذه الآية
الشريفة (وقال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القران مهجورا ) فرسول الله حتماً يشكو إلى الله من قوم
ضيعوا رسالته .
أما آن
للأمة أن تصحو من غفلتها و تعود لكتابها لعل الله يرفع مقته و غضبه عنا ؟
أما آن أن
نريح قلب رسول ما أوذي نبي كما أوذي هو روحي فداه مما لقاه و يلقاه من أمته ؟
إلى متى
سنتوارث عقر ناقة الله و نحمل راية ثمود تاركين كتابنا و حجة الله الذي ينتظرنا ؟
إلى متى ..
و إلى متى .. و إلى متى ..
أعان الله
قلبك يا صاحب الزمان !