الجمعة، 20 يونيو 2014

الدين الإسلامي ثورة العقول - الحلقة الثانية


 
لقد استطاع الدين الإسلامي استنهاض العقول من سفه الجاهلية إلى نور الله الذي تبصره به و تحيا به القلوب ، فاستطاع انتاج نماذج يحتذى بها برجاحة العقل وسلامة المنطق كسلمان المحمدي الذي ارتقى لأن يكون من أهل البيت ع فقيل فيه ( سلمان منا أهل البيت ) و عمار والمقداد بل لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فكان للشباب من هذه الثورة حظ عظيم فهذا الشاب أسامة ابن زيد الذي يقارب عمره عمر طالب بالمرحلة الثانوية يتولى قيادة جيش المسلمين الذي قال فيه النبي ص ( لعن الله من تخلف عن جيش آسامة ) .

 

هذه الثورة العقلية لم ترق لمن أشرب حب الجاهلية و التقسيم الطبقي المنقسم الى كبراء و إمعات حتى بعد إسلامهم شكلا ، فبقاء الناس جهال إمعات هو في صالحهم حيث انه يخدم باطلهم و هذا ما يثيره باطن هذه الرواية عن أمير المؤمنين «  فقال له الحارث: لو كشفت - فداك أبي وأمي - الرين عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا.

قال عليه السلام: قدك فإنك امرؤ ملبوس عليك إن دين الله لا يعرف بالرجال، بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله » ، اذا فالنتيجة الحتمية لمعرفة الباطل هي معرفة أهل الباطل و هذا ما لا يعجب التيار التجهيلي الذي يريد أن يتسيد الأمة بسلب عقولها فأجرمت في حق الأمة حين نحوا خلفاء الله عن مراتبهم التي رتبهم الله عليها و حاربوا إلى جنبهم الكتاب الذي يمثل ثورة العقول بوضع فجوة بينه و بين الناس من خلال النهي عن تأويله و مطاردة القراء و محاصرتهم و حرق المصاحف و غيرها من الأحداث التي يضج بها التاريخ و تدمع لها عين الواقع الأليم الذي آل إليه المجتمع الإسلامي في الوقت الحاضر ، فهل كانت هذه نهاية المطاف ؟

 

بالطبع لا فهنالك حلقة مهمة يجب أن تضاف ليكتمل السيناريو التجهيلي ، فبعد منع كتابة أحاديث النبي ص لفترة قامو بعدها بدس الأحاديث الموضوعة كذباً على الله ورسوله لتخدم مصالحهم ! نذكر مثالاً بسيطا فالمقام لا يتسع لعظم المقال فبعد أن كان من أعظم صور الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر ، أصبح القيام على ما يسمونه ولي الأمر (السلطان) باطلاً محرماً و لو كان عاصياً جائراً فعاشت الأمة الإسلامية لقرون مسلوبة الإرادة خائفة تخشى مخالفة أي ظلم فتقتل ، كما أنها تعاني من أزمة فهم النص الذي يحرر عقولهم التي أصبحت أسيرة الرواية بعيدة عن الدراية سفيهة لا وعي لها إلا من رحم ربي  حتى أصبح الحسين ع بنظرهم خارجياً يستحق القتل !

 

فكانت هذه نتيجة حتمية لضياع المنهجية التي ما زلنا نعاني من آثارها حتى يومنا الحالي .

 

 

نلتقي بكم إن شاء الله في الحلقة القادمة

الدين الإسلامي ثورة العقول - الحلقة الأولى


 
 
 
جاء الدين الإسلامي بثورة علمية عقلية كانت في مقابل تيار جاهلي تجهيلي يقسم المجتمع إلى طبقتين

 

طبقة السادات و الكبراء

 

و طبقة الجهال التابعين

 

و يتجلى هذا التقسيم في الآية الكريمة ( وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا )

 

 ثم ما هي النتيجة يوم القيامة لهؤلاء ؟!

 

المحصلة النهائية لهذا الأمر هو ما تصفه الآية الكريمة ( اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب )

 

هذا التيار التجهيلي الذي وجد آباءه على ملة فاقتفى أثرهم و سار على نهجهم بحدوده الضيقة حورب بشدة في القرآن الكريم ( ..قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه اباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) والكثير من الآيات التي تشترك مع هذه الآية المباركة بالموضوع ذاته تتجلى لنا بها حقيقة موقف القرآن الكريم من هذا الفكر المتحجر مباركاً لمن ثار على هذا النهج محارباً من سار عليه هاتفاً في الناس ( أفلا تتفكرون ) ( أفلا تعقلون ) ( أفلا يتدبرون ) ...

 

مثوراً بذلك عقولهم دافعاً لطلب العلم و التعلم حتى قسم أمير المؤمنين الناس إلى ثلاثة أقسام : إما عالم رباني أو متعلم على سبيل النجاة و همج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ! وقال بعدها : أغد عالما أو متعلما ولا تكن الثالث فتعطب !

 

أراد الإسلام أن يقسم المجتمع إلى قسمين ( علماء و متعلمين ) فكان لا يرتضي لهم الثالثة أبداً فقد كرمهم الله بالعقل و هم عنه يسئلون !

 

فكان السلم المجتمعي بين العالم و المتعلم يتمثل بالآية ( فوق كل ذي علم عليم ) فأمر الذين لا يعلمون مسألة ما قد توقفوا عندها و عجزوا عن إحكامها بالرد الى من هو أعلم بها منهم و الأعلم يرجع إلى الأعلم و هكذا ! كما تنص روايات مستفيضة على الوقوف عند الشبهات و الرجوع الى أهل العلم أو من هم أعلم منهم،  فجاء بيان النفير القرآني صريحاً في قوله تعالى ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) و الإنذار و الاستجابة له من خلال الحذر متلازم مع العلم كما ينص كتاب الله جل وعلا ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه )

وقوله ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) !

 

نلتقي معكم إن شاء الله في الحلقة الثانية من سلسلة : الدين الإسلامي ثورة للعقول

 

فتابعونا 🌹