الأحد، 9 فبراير 2014

أهل البيت ع هم أئمة التأويل ومعلموه


بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على محمد و آله أئمة التأويل !



قال تعالى في محكم كتابه الكريم "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ذلك خير و أحسن تأويلا " ، يوضح لنا الباري جل وعلا أن هنالك منهجية إسلامية صرفة تحث على الرجوع  إلى الله و رسوله ثم وصفها بـ" أحسن تأويل " و كان الخطاب هنا موجه إلى المؤمنين بأطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر و بالتالي نخرج بدلالة محكمة بأن الرجوع إلى الله و إلى الرسول و أهل البيت تأويلاً هو طاعة لهم !

لذلك سعى أهل البيت صلوات الله عليهم  لاستنهاض عقول الأمة الإسلامية و الإرتقاء بمستوى إدراكهم حين علموهم كيفية الرجوع إلى كتاب الله و إحكام الأمور المتنازع فيها من خلاله فبينما نقرأ في القرآن الكريم " هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات ...."  نجد الإمام الرضا صلوات الله عليه يفسر : " من رد متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم ثم قال عليه السلام : إن في أخبارنا متشابه كمتشابه القرآن ومحكما كمحكم القرآن فردوا متشابهها إلى محكمها ولا تتبعوا متشابهها فتضلوا "  نخرج هنا بنتيجة هو أن لكلام القرآن الناطق " أهل البيت " صفات تشابه صفات القرآن الصامت " الكتاب " باحتوائها على المحكم و المتشابه و بالتالي يأتي الأمر من الإمام الرضا ع أن ردوا متشابه كلام أهل البيت إلى محكمه كما تردون متشابه القرآن إلى محكمه ، فبالتأمل نجد أن الناس هم المعنيين بهذا الخطاب و أن أهل البيت هم معلمي التأويل ليصل الناس بالأمر المتشابه إلى مآله و محكمه و من الظاهر إلى باطنه فينسخ التشابه بالإحكام و بالتالي الهداية إلى فعل قويم و صراط مستقيم " و أن هذا صراطي مستقيم فاتبعوه .." .

و لا يقف الأمر عند هذا الحد فقط بل نرى أهل البيت عليهم السلام يأمرون الناس ((الناس بأنفسهم )) برد ما يصلهم من روايات تنسب لهم إلى القرآن الثقل الأكبر لكي يصلوا إلى مدى مصداقية هذا الخبر و صحته عنهم صلوات الله عليهم فقد ورد عن الصادق عليه السلام :" إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه و ما خالف كتاب الله فردوه "

كما ورد عنه ع : " ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف " ، فبنظرة إلى كلام أهل البيت ع نجد أنهم أقروا محورية القرآن وحرصوا على الرجوع إليه .

التأويل من أهل البيت وعنهم :


نقرأ في بعض روايات أهل البيت ع تأويل لكلمة الراسخون في العلم قد يظهر من خلاله بأنه لا علم لأحد بتأويل القرآن إلا هم عليهم السلام وهذا صحيح و من خلالهم يتعلم المؤمنين تأويل القرآن فهذا ما أراده الله فقال :" هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ..." فأهل البيت صلوات الله عليهم هم العالمون بالتأويل وهم من يعلمه للناس و عملاً بوصية أهل البيت ع في التأني و تأمل رواياتهم للوصول إلى معنى محكم لنتأمل هذا الخبر عن بريد بن معاوية قال: قلت لأبي جعفر " الباقر " (عليه السلام): قول الله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم قال: " يعني تأويل القرآن كله، إلا الله والراسخون في العلم، فرسول الله أفضل الراسخين، وقد علمه جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله منزلا عليه شيئا لم يعلمه تأويله وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله " ووردت هذه التكملة في رواية أخرى " والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلم، فأجابهم الله بقوله: يقولون آمنا به كل من عند ربنا والقرآن خاص وعام ومحكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ، فالراسخون في العلم يعلمونه " و الواضح من خلال الرواية أن المراد بنفي معرفة التأويل هي معرفة كل التأويل و جميع البواطن و هذا مختص بأهل البيت ع بلا شك لكن معرفة المنهج و القواعد التأويلية فهي متاحة للناس و قد علموها لهم أهل البيت و حثوا على تعليمها فبينما نراهم يشرحون التأويل في الرواية السابقة " و القرآن خاص و عام و محكم و متشابه و ناسخ و منسوخ فالراسخون في العلم يعلمونه " نجدهم يحثون الناس على المعرفة بهذا العلم فيقول الصادق ع : " كونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخه و محكمه من متشابهه و ما أحل الله فيه مما حرم ، فإنه أقرب لكم من الله و أبعد لكم من الجهل . ودعوا الجهالة لأهلها فإن أهل الجهل كثير و أهل العلم قليل و قد قال الله : و فوق كل ذي علم عليم  " و بناء على هذه الآية نجد أن أهل البيت ع هم الأرسخ في العلم و يتلوهم من لزم دربهم و تعلم من علومهم كسلمان و المقداد و أبو ذر وغيرهم رضوان الله تعالى عليهم  .

ومن هذا المنطلق نفهم أن المقصود بهذه الرواية عن الإمام علي (عليه السلام): " أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا، كذبا وبغيا علينا أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم؟! بنا يستعطى الهدى، ويستجلى العمى " أن مجموعة زعمت أنها هي الراسخة في العلم دون أهل البيت عليهم السلام ، وقد كذبت تلك الفرقة التي أرادت أن تنفي منهجية أهل البيت في تعليم الكتاب ، كما أن التأويل لا يؤخذ إلا من أهل البيت و من المنهج الذي رسمه أهل البيت و كذب من ادعى انه يتعلم علوم القرآن من غيرهم بالاستغناء عنهم فهم أهل الذكر وهم معلموه، وبعداً لقوم اتخذوا الآراء منهجاً وساروا خلف تلك الفرقة.

 

أنار الله قلوبنا و إياكم بنور الهدى وجعلنا و إياكم من المتمسكين بالثقلين القرآن الكريم و العترة الطاهرة
 
للإطلاع على دروس تتناول علم تأويل القرآن بشكل أوسع بإمكانكم زيارة موقع مركز التبيان لتأويل القرآن :