الأحد، 25 يوليو 2010

المحور الأخير : حرية شخصية أم مجتمع حيواني ؟!


بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على محمد و آله الطيبين الطاهرين

أسعد الله أيامكم بمناسبة قرب ذكرى ميلاد الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف


أواصل معكم بحثي في محوره الخامس و الأخير من سلسلة قضايا بين العلمانية و الدين حيث حاولت حصر ما يقال في وسائل الإعلام فقط من قبل العلمانيين العرب و المشهور من مقولاتهم ، و في المحور الأخير سأتكلم عن الحريات عند العلمانيين و ما المقصود بها و ما هي حدودها؟
يسعى العلمانيين من خلال منهجيتهم لجعل الحرية مطلقة للجميع من دون أي حدود فنرى أنهم يسعون لتشريع زواج المثليين و البعض منهم من يقول بتشريع الزنا إن كان بالتراضي و محاربة الحجاب كونه باعتبارهم سجن للمرأة سواء كان عن طريق إثبات عدم وجوبه أو بمنعه بشكل كلي من بعض الأماكن كالجامعة كما فعلت بعض الدول ، و سعت أيضاً لمنع غطاء الوجه سواء كان نقاب أو أي نوع آخر ، كله كان تحت مسمى الحرية الشخصية التي لا يجوز لأحد أن يتدخل فيها.

نأتي للمطالبة الأولى و هي الأحدث نسبياً من بقية المطالبات ألا وهي زواج المثليين ، فرأينا مطالبات صريحة من بعض العلمانيين بزواج المثليين باعتباره حق مشروع لفئة من المجتمع يجب أن تحصل عليه فهي حرية شخصية ، أولاً من الناحية الصحية فبالنسبة للجنسين هو مسبب لأمراض جداً خطيرة كما ذكروا بعض الدكاترة الخبراء في هذا المجال كالدكتورة فوزية الدريع ، كما أثبتت نفس الدكتورة و دكاترة آخرون أن سبب الميول المثلية هو سبب نفسي ينعكس على سلوك الإنسان و هو قابل للعلاج بطريقة مفصلة ، فطبياً تعتبر المثلية الجنسية مرضاً عند الكثير من الدكاترة و الباحثين المتخصصين في هذا المجال و المعروف أن المرض يحتاج لعلاج فالأجدر بنا أن نحاول القضاء على هذا المرض و ليس الترويج له ، و أما من الناحية الدينية فهو أمر محرم عند الديانات السماوية الثلاث ! ، اي متفق على تحريمه و منعه فمن العجيب ان نرى مطالبات من العلمانيين بما يسمى حقوق المثليين ضاربة بكل هذه الأديان - التي تدعي العلمانية حمايتها - بعرض الحائط ، و الموضوع متشابه بالنسبة للزنا ايضاً ، و من الغريب أنه هناك من يبيح الزنا اذا كان الطرفين متراضيين و يحرم تعدد الزوجات الذي يكفل حقوق الزوجة كاملة !! .

أما في قضية الحجاب فمن المضحك أن نرى العلمانيين يخوضون في الأديان فيفسرون و يبترون و يدلسون فقط لإثبات ما جاء في أهوائهم كما بينا ذلك في المحور الثالث في نفيهم لتعدد الزوجات فمن حججهم أن الحجاب أمر غير مفروض في الإسلام و أن الآية الكريمة " قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل للمؤمنات يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أبناء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نسائهن أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النساء وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أيها الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (1) تعني أن يغطى الجسد و الصدر و ليس المراد بها الرأس كما قال قاسم أمين و الكثير من المفكرين و أن الآية " يَأَيهَا النَّبىُّ قُل لأَزْوَجِك وَ بَنَاتِك وَ نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلَبِيبِهِنَّ ذَلِك أَدْنى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيما " (2) تحمل نفس المعنى ايضاً و المراد بها نساء النبي و بناته ، أقول : الآية واضحة ولا تحتاج حتى تفسير حيث شمل الله تعالى نساء المؤمنين أي من آمن بالله بالآية و معنى الجلباب هو ثوب أَوسَعُ من الخِمار، دون الرِّداءِ، تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وصَدْرَها؛ وقيل: هو ثوب واسِع، دون المِلْحَفةِ، تَلْبَسه المرأَةُ؛ وقيل: هو المِلْحفةُ و الملحفة هي اللباس الذي فوق سائر اللباس (3) أي ما نسميه بالعامي "العباية" ، فواضح من الآية الكريمة فرض الحجاب ، أما تحرير المرأة بالحجاب فلا أدري ما العلاقة بينهم ؟! ، هل المرأة تستطيع أن تعمل و تنتج فقط و هي متزينة و متبرجة ؟ ، ما العلاقة بين العمل و التفكير و بين الحجاب ؟! ، و من العجيب انه ظهرت مقولات كمقولة : إذا أردت أن تعرف رقي أمة فانظر إلى نسائها (4) !! ، فهاهي العلمانية تثبت أنها هي من تنظر للمرأة كجسد ، فالدين الإسلامي لا يريد من المرأة أن تظهر جسدها وزينتها للناس أم العلمانية فتقرر ذلك و تعتبره من الحضارة فمن يريد فينا جسد المرأة ، دون عملها ؟! .

ما ذكرته يعزز النظرية التي تقول أن العلمانية تنتج مجتمع منفصل عن القيمة ، خالي من القيم يعتدي على الإنسان بحجة الحرية و بمفهومها المغلوط ، فمتى كان انفلات المجتمع يسمى حرية ؟ ، إن مجرد تصور المجتمع العلماني يعطي صورة مخيفة لمجتمع حيواني بحت ! ، و بالفعل أنا على يقين بأن هذا ما تسعى إليه العلمانية ، فنظرة لوثيقة مؤتمر السكان تؤكد ذلك فتقول " إنها حالة الرفاهية البدنية و العقلية و الاجتماعية الكاملة ، المنطوية على أن يكون الأفراد من جميع الأعمار أزواجاً و أفراداً فتياناً و فتيات ، مراهقين و مراهقات قادرين على التمتع بحياة جنسية مرضية و مأمونة هي كالغذاء حق للجميع ينبغي على جميع البلدان لتوفيره في اسرع وقت ممكن في موعد لا يتجاوز 2015 م " (5) ، أمر فعلاً مخيف و يدعو للقلق هل هناك أكثر من هذه الإهانة للإنسان و الأديان ؟ ، وهو يؤكد تماماً أن العلمانية بالفعل هي فصل مجمل حياة الإنسان عن جميع القيم الإنسانية ، و الأخلاقية و الدينية بحيث يتحول العالم إلى مادة استعمالية يوظفها القوي لحسابه . فقط لا غير


و في النهاية أحببت أن أذكر مفارقة بسيطة


يقال : أن الشيوعية و العلمانية تتفق بأن إصدار القوانين يكون عبر التشريع المادي لكن الشيوعية تحارب الدين و العلمانية تحمي الدين



أما بالنسبة لي : فإن كلا الشيوعية و العلمانية تحارب الأديان لكن الشيوعية بشكل علني أما العلمانية بشكل مخفي ، فإين حماية الأديان من إصدار قوانين تحرمها أكبر شريحة في العالم أجمع و هم متبعي الشرائع السماوية الثلاث ؟!.



و ختماماً أتمنى أن تكون السلسة أعجبتكم و أتمنى أني وصلت ما أريد إيصاله من معلومات للقراء الأفاضل ، و أحب أن أشكر جميع من تابع السلسلة ....



و شكراً :)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النور الآية 30 ، 31
(2) سورة الأحزاب الآية 59
(3) معجم لسان العرب مادة جلب و مادة لحف
(4) من مقولات قاسم أمين
(5) وثيقة عمل البرنامج الدولي للسكان و التنمية المنعقد بالقاهرة 5-15/9/1994 م ، الترجمة العربية الرسمية الفصل الثامن الفقرات 31-35 .

الجمعة، 16 يوليو 2010

المحور الرابع : شماعة العلمانية التالفة

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

إذا رجعنا للتاريخ و بالتحديد للعصور الوسطى ، و اتجهنا إلى أوروبا في ذلك الوقت سنجد حياة كئيبة مظلمة متخلفة ، تسود فيها سلطة القساوسة و كانت العلوم بشتى أنواعها محاربة من قبل الكنيسة إلا ما يرون أنها تناسب كتبهم المقدسة ، حيث كانت أوروبا تخضع تحت سيطرة الكنسية فكانت هي لها السلطة الكبرى عليهم ، بل كانت توزع صكوك الغفران و هي صك من البابا بأن حامل هذا الصك رجل فاضل و سيدخل الجنه لأنه أرضى البابا ، و العكس صحيح فمن لا يرضي القسيس فإن الله لا يرضى عنه و أن مصيره النار مهما فعل فطالما ذلك الرجل لم يرضي القساوسة فهو مغضوب عليه ، فأي شخص كان يأتي بعلوم مخالفة لتعاليم الكنيسة كان يقتل و يعذب ، فتفشى الجهل في أوروبا واستحقت تلك العصور بكل جدارة لقب العصور المظلمة ، و بعد ازدهار المنهجية العلمانية و تطورها "بقضية مفصلة" قامت بتهميش دور الكنيسة ، و السماح للعلوم بمختلف مجالاتها بالدخول للدولة للإستفادة منها وجعلت الدين لا يتعدى أبواب المنزل أو الكنيسة ، و بذلك استطاعت تلك الدول الإزدهار و التقدم ، باختصار هذه قصة ظهور العلمانية و سبب ظهورها .


فلما دخلت العلمانية إلى العالم الإسلامي قامت بإرجاع السبب و إلقاء اللوم على رجال الدين و أن الدين هو سبب التخلف ، فالإسلام بنظرهم أسر المرأة و منع العلوم و ما زال يمنع كل ما يدعو للحداثة و التطور فشبهوا التخلف الحاصل بالدولة الإسلامية بالتخلف الذي كانت تعيش فيه أوروبا بسبب سلطة رجال الدين على هذا المجتمع لذلك يجب وضع الدين الإسلامي و حصره في المنزل أو المساجد فقط ، أما التطور و الحداثة فنتركه للعلمانية لتقوم بواجبها لرقي المجتمع ، فمن هذا المنظور دخلت العلمانية إلى المجتمع الإسلامي ، فكان ما حصل في العصور المظلمة هي شماعة العلمانيين و هي حجتهم لعزل رجال الدين في نطاق معين لا يخرجون عنه ، فمثلما كان رجال الدين المسيح سبباً في تخلف أمتهم فرجال الدين المسلمين أيضا كذلك في نظرهم ، فهم ضد العلوم و التطور و الحداثة و التنوير.

فعلاً هناك بعض الأمور التي قد تكون صعبة و تظهر بمظهر مقنع لكن أساسها بعيد كل البعد عن الصحة وهذا ما يقوم به العلمانيون و يحاولون إظهاره بشكل عقلاني قد يتقبله العقل بشكل سريع إذا لم يكن واعياً بأن أساس هذا الإدعاء هو باطل في باطل ، فإذا رجعنا مرة أخرى للتاريخ بل إلى نفس الحقبة الزمنية التي كانت تعيش فيها أوروبا بالعصور مظلمة سنجد أن الأمة الإسلامية مليئة بالعلماء في شتى المجالات ، فعندما نرى أبو الكيمياء و هو جابر ابن حيان مؤسس علم الكيمياء تلميذ الإمام جعفر الصادق صلوات الله عليه ، و ابن سينا و الحسن ابن الهيثم و غيرهم الكثير الكثير من العلماء فلم يكن جابر ابن حيان عالماً دينياً فقط بل كان فقيهاً متديناً ، فالدين الإسلامي لم يكن في يوماً من الأيام ضد التطور و العلم النافع في الوقت الذي كانت فيه الكنيسة ترفض جميع أنواع العلوم و تقتل العلماء ، فبرع العلماء المسلمين في الوقت ذاته بالكيمياء و الفيزياء و الطب .

فما السبب الحقيقي إذن وراء تخلف هذه الأمة ، تخلف الأمة الإسلامية سيكون أمر أكثر من طبيعي عندما أصبح الجهال بالدين هم الخلفاء و الأتقياء الورعين هم من يعذبون و يسجنون و يقتلون فلما اهتم هؤلاء الخلفاء المزعومين بمجالس الخمر و الرقص ، عندما يحارب الخمارين الأتقياء فنتيجة حتمية لذلك هو تخلف الدولة الإسلامية ، فنظرة بسيطة لتاريخ الدولة الأموية و العباسية بالأخص سنجد ان من كان يعرف بمجالس السكر و الدعارة كيزيد ابن معاوية مثلاً و هارون الرشيد و الكثير الكثير من مدعي الخلافة الذين تركوا الأمة الإسلامية تضيع و هم بين كؤوس الخمر و الراقصات و أهل البيت الأتقياء الورعين يعذبون في السجون و يقتلون ، أمر طبيعي أن تتخلف الأمة الإسلامية عندما يترك مدعي الخلافة كل الأخطار المحدقة بالإسلام و يهتمون بمطاردة أبناء علي ابن ابي طالب صلوات الله عليه لقتلهم و النيل منهم !!

سؤال أخير : أليست مجالس الشرب و الغناء الرقص و الدعارة تسمى الآن حرية شخصية من قبل العلمانيين؟

ليست العلمانية إلا اتباع للهوى و لما اتبع المسلمون أهواءهم ضلوا و تخلفوا، و عندما اتبع بعضهم قول نبيهم "اطلبوا العلم ولو في الصين" و أخذوا العلوم من الهند و الصين و اليونان فأخرجوا لنا علماء بل مؤسسين للعلوم .

فالعصور المظلمة ليست إلا شماعة تالفة للعلمانيين كي يروجوا لمنهجيتهم و الدول الإسلامية ليست بحاجة لهم ليتطوروا ولكنها بحاجة لتقوى وورع و إخلاص لله جل وعلا و طلب العلوم و السعي وراء تطويرها فقط !

الثلاثاء، 6 يوليو 2010

المحور الثالث : تعدد الزوجات بين الرفض و التدليس !!

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على محمد و آله الطيبين الطاهرين
.
>


بعد الفاصل اللطيف عن قانون الاحتشام و قائمة الوسط الديمقراطي أواصل معكم بحثي عن العلمانية و بعض آرائهم و أطروحاتهم خصوصاً في العالم العربي.

موضوع اليوم هو تعدد الزوجات و النظرة العلمانية لتعدد الزوجات ، يمكن في بعض من العلمانيين من يرى أن تعدد الزوجات صحيح بس آنه ليلحين ما شفت هالشي فالغالبية معارضين و في الغالب المعارضين أقسمهم لقسمين :

القسم الأول : هو من يرى أن تعدد الزوجات أمر غير عقلاني و غير منطقي و أدلتهم هي أن المرأة تحس بالإهانة لها و لأنوثتها من هذا الزواج كما أن الرجل لا يرضى لنفسه ان تتزوج امرأته أكثر من زوج فهذا هو رأي بعض الكتاب مثل نادين بدير التي أحدثت ضجة حول هذا الموضوع .

طبعاً أستغرب وضع غيرة المرأة كمبرر للتحريم فهو أمر متفاوت و هناك من النساء من يتقبل هذا الأمر و هناك ممن تأخذهم الغيرة التي تؤدي إلى شعورها بالإهانة فالموضوع غيرة لا أكثر ولا أقل و الغيرة أمر موجود و متفاوت مثل فكرة التعصب هو أمر موجود و متفاوت فالبعض يتعصب لفكره أو لدينه أو لعرقه أو لأفراد عائلته و هو أمر متفاوت أيضاً يعتمد على الشخص نفسه ، لذلك إذا قسنا موضوع الغيرة حتى على الأطفال خصوصاً في الأعمار من 3 إلى 7 سنين سنجد مثلاً أن الأخ الأكبر يغار من الأخ الأصغر و أحياناً يضربه ( أو يحذف عليه لعبة جنه ما يدري :) ) فهذا يحدث كثيراً بل يحدث في الغالب ، و الوالدين "الشطار" هم من يستطيعون التخفيف من هذه الغيرة عن طريق العدل بينهم و المعاملة بالمثل فإذا ضم الوالد الطفل الأصغر أمام الطفل الأكبر منه سناً بسنة أو بسنتين سنجد على الطفل الأكبر ملامح الغيرة فالأطفال ببراءتهم إلا أنه يتولد لهم هذا الشعور فيقوم الوالد بضم طفله الأكبر و مداعبته ، فكذلك الأمر بالنسبة للزوجات فبعضهن يصل بهن الأمر للعصبية و في غالب الأحيان يكون الأمر ليس مجرد غيرة بل لأن الزوج كان مقصر في حق إحداهن أو أهانها بالكلام مثلاً وهو ما يولد فعلاً الشعور بالحقد ، مثلاً إذا داعب الوالد طفله الأصغر و دائماً ينهر الطفل الأكبر سنجد تصرف عدواني من الطفل الأكبر باتجاه أخيه الأصغر و العكس صحيح ، و أيضاً بالنسبة لتعدد الزوجات العكس صحيح فهناك الكثير من " الشرايج" ممن أصبحوا صديقات ! و منهم من تقبل الأمر بشكل طبيعي ، فمسألة الغيرة مسألة نسبية تعتمد على عدل الزوج بين الزوجات و هو كحسن التصرف مع الأطفال في تربيتهم فقط لا أكثر ولا أقل ، و إذا كان الزوج يجرح شعور إحداهن أو لا يعدل بينهن فإنه خالف شرط تعدد الزوجات فطبيعي أن تحصل الخلاقات و تشعر المرأة بالإهانة.


فهل من المعقول أن يمنع العلمانيين إنجاب طفلين خلال أربع سنين لأنه هناك غيرة شديدة بين بعض الاطفال بسبب تصرف أهاليهم !! ، والله كل شي جايز :).

أما عن نقطة زواج المرأة من عدة رجال الذي ذكرته نادين بدير كنوع من التوضيح فهو أمر فعلاً سخيف ! ، لأن المسألة هنا ليست مسألة مشاعر فقط ، بل هو تفكك للأسرة و هو بالأساس بالأساس مخالف لشرط التعدد (إذا بناخذ نادين بدير على قد عقلها) فهو مخالف لشرط العدل ! ، فإذا حملت من أحدهم كيف تأدي واجبها تجاه البقية ؟ ، وفي الولادة و في وقت النفاس ، أم بالنسبة للرفض التام و الشديد من الرجال فهو من منطلق ديني فهي عرضه و هو من الكبائر في الدين،فطبيعي سنجد رفض شديد من الرجال ، ففعلاً و مع احترامي الشديد هو أمر سخيف !.

القسم الثاني : هناك أيضاً بعض المفكرين و الكتاب كمعروف الرصافي في كتاب الشخصية المحمدية الذين استنتجوا أن تعدد الزوجات حرام من القرآن الكريم فبالإطلاع على الآية الكريمة " فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً"(1) و الآية الكريمة " وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ"(2) سنجد أن الحكم قد علق بانتفاء شرط العدل في الآية الأولى و في الآية الثانية ينفي قدرة الرجال على العدل ولو حرصوا على ذلك وبناء على ذلك انتفت صحة تعدد الزوجات .

لن أطيل في الرد على هذا الإشكال البسيط و هو ليس إشكال بل تدليس ! ، فالرد على القسم الثاني هو مجرد كتابة الآية الثانية كاملةً " وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا" ، هل هو بحاجة للشرح ولا وصلت المعلومة؟ ، نظرة لكتب التفاسير ستوضح الأمر ، و إذا ما تبون تشوفون التفاسير فالآية واضحة بالأساس فإن الله سبحانه و تعالى يوجه الناس في كيفية العدل بين الزوجات و أن العدل هو ألا يكون أكثر الميل لواحدة و تصبح الأخرى كالمعلقة و أمر الله بالتقوى و الإصلاح مع الزوجات و الله غفور رحيم عن بقية الأمور التي لا يملكها الإنسان أو الأمور الغير متعمدة ، فالله سبحانه و تعالى يريد بنا اليسر لا العسر لكي لا يتصور الناس أن العدل هو أن تكون نسخة مسجلة لما فعلته عند زوجتك الأخرى ! ، فهنا يوضح الله سبحانه و تعالى كيفية العدل ولا ينفيه .


فإذا كانوا لم يقرأوا الآية أو لم يفهموها فلماذا يتحدثون عن جهل ؟ ، و إذا قرأوها وفهموها فلماذا التضليل و التدليس ؟


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة النساء الآية 3

(2) سورة النساء الآية 129