أسعد الله أيامكم بمناسبة قرب ذكرى ميلاد الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف
أواصل معكم بحثي في محوره الخامس و الأخير من سلسلة قضايا بين العلمانية و الدين حيث حاولت حصر ما يقال في وسائل الإعلام فقط من قبل العلمانيين العرب و المشهور من مقولاتهم ، و في المحور الأخير سأتكلم عن الحريات عند العلمانيين و ما المقصود بها و ما هي حدودها؟
يسعى العلمانيين من خلال منهجيتهم لجعل الحرية مطلقة للجميع من دون أي حدود فنرى أنهم يسعون لتشريع زواج المثليين و البعض منهم من يقول بتشريع الزنا إن كان بالتراضي و محاربة الحجاب كونه باعتبارهم سجن للمرأة سواء كان عن طريق إثبات عدم وجوبه أو بمنعه بشكل كلي من بعض الأماكن كالجامعة كما فعلت بعض الدول ، و سعت أيضاً لمنع غطاء الوجه سواء كان نقاب أو أي نوع آخر ، كله كان تحت مسمى الحرية الشخصية التي لا يجوز لأحد أن يتدخل فيها.
نأتي للمطالبة الأولى و هي الأحدث نسبياً من بقية المطالبات ألا وهي زواج المثليين ، فرأينا مطالبات صريحة من بعض العلمانيين بزواج المثليين باعتباره حق مشروع لفئة من المجتمع يجب أن تحصل عليه فهي حرية شخصية ، أولاً من الناحية الصحية فبالنسبة للجنسين هو مسبب لأمراض جداً خطيرة كما ذكروا بعض الدكاترة الخبراء في هذا المجال كالدكتورة فوزية الدريع ، كما أثبتت نفس الدكتورة و دكاترة آخرون أن سبب الميول المثلية هو سبب نفسي ينعكس على سلوك الإنسان و هو قابل للعلاج بطريقة مفصلة ، فطبياً تعتبر المثلية الجنسية مرضاً عند الكثير من الدكاترة و الباحثين المتخصصين في هذا المجال و المعروف أن المرض يحتاج لعلاج فالأجدر بنا أن نحاول القضاء على هذا المرض و ليس الترويج له ، و أما من الناحية الدينية فهو أمر محرم عند الديانات السماوية الثلاث ! ، اي متفق على تحريمه و منعه فمن العجيب ان نرى مطالبات من العلمانيين بما يسمى حقوق المثليين ضاربة بكل هذه الأديان - التي تدعي العلمانية حمايتها - بعرض الحائط ، و الموضوع متشابه بالنسبة للزنا ايضاً ، و من الغريب أنه هناك من يبيح الزنا اذا كان الطرفين متراضيين و يحرم تعدد الزوجات الذي يكفل حقوق الزوجة كاملة !! .
أما في قضية الحجاب فمن المضحك أن نرى العلمانيين يخوضون في الأديان فيفسرون و يبترون و يدلسون فقط لإثبات ما جاء في أهوائهم كما بينا ذلك في المحور الثالث في نفيهم لتعدد الزوجات فمن حججهم أن الحجاب أمر غير مفروض في الإسلام و أن الآية الكريمة " قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل للمؤمنات يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أبناء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نسائهن أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النساء وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أيها الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (1) تعني أن يغطى الجسد و الصدر و ليس المراد بها الرأس كما قال قاسم أمين و الكثير من المفكرين و أن الآية " يَأَيهَا النَّبىُّ قُل لأَزْوَجِك وَ بَنَاتِك وَ نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلَبِيبِهِنَّ ذَلِك أَدْنى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيما " (2) تحمل نفس المعنى ايضاً و المراد بها نساء النبي و بناته ، أقول : الآية واضحة ولا تحتاج حتى تفسير حيث شمل الله تعالى نساء المؤمنين أي من آمن بالله بالآية و معنى الجلباب هو ثوب أَوسَعُ من الخِمار، دون الرِّداءِ، تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وصَدْرَها؛ وقيل: هو ثوب واسِع، دون المِلْحَفةِ، تَلْبَسه المرأَةُ؛ وقيل: هو المِلْحفةُ و الملحفة هي اللباس الذي فوق سائر اللباس (3) أي ما نسميه بالعامي "العباية" ، فواضح من الآية الكريمة فرض الحجاب ، أما تحرير المرأة بالحجاب فلا أدري ما العلاقة بينهم ؟! ، هل المرأة تستطيع أن تعمل و تنتج فقط و هي متزينة و متبرجة ؟ ، ما العلاقة بين العمل و التفكير و بين الحجاب ؟! ، و من العجيب انه ظهرت مقولات كمقولة : إذا أردت أن تعرف رقي أمة فانظر إلى نسائها (4) !! ، فهاهي العلمانية تثبت أنها هي من تنظر للمرأة كجسد ، فالدين الإسلامي لا يريد من المرأة أن تظهر جسدها وزينتها للناس أم العلمانية فتقرر ذلك و تعتبره من الحضارة فمن يريد فينا جسد المرأة ، دون عملها ؟! .
ما ذكرته يعزز النظرية التي تقول أن العلمانية تنتج مجتمع منفصل عن القيمة ، خالي من القيم يعتدي على الإنسان بحجة الحرية و بمفهومها المغلوط ، فمتى كان انفلات المجتمع يسمى حرية ؟ ، إن مجرد تصور المجتمع العلماني يعطي صورة مخيفة لمجتمع حيواني بحت ! ، و بالفعل أنا على يقين بأن هذا ما تسعى إليه العلمانية ، فنظرة لوثيقة مؤتمر السكان تؤكد ذلك فتقول " إنها حالة الرفاهية البدنية و العقلية و الاجتماعية الكاملة ، المنطوية على أن يكون الأفراد من جميع الأعمار أزواجاً و أفراداً فتياناً و فتيات ، مراهقين و مراهقات قادرين على التمتع بحياة جنسية مرضية و مأمونة هي كالغذاء حق للجميع ينبغي على جميع البلدان لتوفيره في اسرع وقت ممكن في موعد لا يتجاوز 2015 م " (5) ، أمر فعلاً مخيف و يدعو للقلق هل هناك أكثر من هذه الإهانة للإنسان و الأديان ؟ ، وهو يؤكد تماماً أن العلمانية بالفعل هي فصل مجمل حياة الإنسان عن جميع القيم الإنسانية ، و الأخلاقية و الدينية بحيث يتحول العالم إلى مادة استعمالية يوظفها القوي لحسابه . فقط لا غير