الخميس، 9 أبريل 2009

رحلة إلى عالم المجانين

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على محمد و آله الطيبين الطاهرين


أحياناً أجلس لأنسج قصصاً و أفكر بشكل قد يختلف عن الآخرين ، و اليوم:
جلست مع نفسي قليلاً أفكر في المجانين و المختلين عقلياً ،ألحظهم التعيس أصبحوا هكذا و أصبح هذا قدرهم ؟
أم هو حسن الحظ؟
في عالم الخيال زرت عالم المجانين أجري تقريراً عنهم ، أتنقل بين مريض و آخر

سألت أحدهم : لم أنت هنا !
فقال : لأنني عاقل !
فضحكت و قلت في نفسي (الله يشافيه)

ذهبت إلى مريض أخر أسأله نفس السؤال فقال : الحياة هنا جميلة الراحة الأكل و الشرب و الرحلات و كل ما نطلبه موجود

رده أثار استغرابي (مجنون و طماع ، المهم ما عليه شرهة مجنون)

وجدت من بينهم رجلاً عجوزاً طاعناً في السن فقلت له : كيف حالك يا عم ؟
فقال بخير أهلا بك يا بني .
قلت له : يا عم مالذي أتى بك إلى هنا ؟
فقال : أنا بنفسي
فقلت : بنفسك! كيف؟! و لماذا؟!
فقال : هنا أجد ما لا أجده في الخارج
فقلت في نفسي : لا بد أنه يتصف بنفس صفة المجنون الذي قبله. فسألته كيف ذلك؟
فقال: هنا أجد العقل و في الخارج هو عين الجنون!

هنا : لا يوجد نفاق ولا كذب و لا افتراء

فقلت له : (الدنيا بخير شدعوة).
فتابع كلامه: هنا أجد حرية الرأي أتكلم بما أريد و لا أحد يمنعني هنا أنتقد من أشاء و أمدح من أشاء تحت مسمى (مجنون)
صحيح أن من يقطن هنا من المختلين ، لكن قلوبهم صافية لطالما تمنيت أن تكون هذه القلوب في أبناء المجتمع الذي يزعم أنه عاقل
في مجتمع المجانين أسوي اللي أبيه أتكلم و أنتقد و أصرح و أبدي رأيي.


حينها أدركت أن الرجل ليس بمجنون و لكنه ينتحل صفة الجنون لكي يعمل ما يشاء !
كما أدركت أن كلام المجنون الأول فيه شيء من الصحة فغالباً ما يكونون المجانين الحقيقيين و ليس المرضى النفسيين أحرار في المجتمع
يفرق و يثير الفتن و يشعل الخلافات

صحيت من عالم خيالي و قلت شالفرق بين هالشايب و بين الناس ، الشايب يبي يتكلم على راحته بس محد يسمعله، و الناس ودها تتكلم على راحتها بس الكل يسمعها و يتربص فيها و يدور عليها الزله ، المينون يقول الكلام اللي يبيه و هو مرتاح و الناس يسمعون و يضحكون و العاقل إذا تكلم شوي بالواقع و تكلم شوي بالحقيقة الناس راح تقول شفيه هذا مينون؟؟!

يمكن علشان جذي هالشايب رضى الناس يقولون عنه مينون (لأنهم بالأول و الأخير راح يقولون عنه مينون) مقابل أنه يتكلم على راحته .



و السلام ختام

هناك 4 تعليقات:

مذكرات إنسان يقول...

بسم الحب
بسم الحسين الشهيد ..

أحسنت أخي ، مقالٌ جميل بحق ..

لكنني أخالفك الرأي بـ جانب مفهومك " للجنون " قليلاً ..

أنا أرى أن الجنون ينقسم إلى جزئين :

الأول هو الجنون " الأيجابي " ..
وهو جنون فوق يطوف مستوى العقل " بأشواط " عديدة .

الثاني هو الجنون " السلبي " ..
وهو كما يُسمى حالة " الخَبَل " وهي تقبع ما قبل العقل ..
وهو " عدم ادراك الوقائع والحقائق " كما يسمى " مرفوع عنه القلم " ..
×××
بالنسبة لي انا من أشرس المدافعين عن النوع الأول والمعتنقين له :) ..

وفقت لكل خير

Yousef يقول...

أولاً: أشكرك على التعليق...

ثانياً: كلامك صحيح و يبدو أن في مقالي قصدت النوع الثاني تحت مقولة خذوا الحكمة من أفواه المجانين :) ...

أشكرك مرة أخرى....

غير معرف يقول...

مقال جميل فعلا وواقعي فقد مر على الزمان شخصيه لبست لبس الجنون لكي تقول الحق وهي هذه الشخصيه القرانيه البحته التي كان يعتمد عليها الامام موسى ابن جعفر(ع) في زمانه لايقاض الناس من سباتهم العميق ولكي يبين اخطاء الحكام في ذالك الزمان (الله لايعوده) فهناك من روائع بهلول الكثير. عندما امر هارون الرشيد بأحضار « بهلول بن عمرو ».وقف البهلول بثيابه المنسوجة من الصوف وقد ظهرت عليها الرثاثة.. وقف قبال «الخليفة».. شعر هارون بعمق التناقض وهو يحدّق في وجه رجل يراه لأوّل مرّة.. كان بهلول هو الآخر يراه للمرّة الأولى.قال هارون مستكشفاً:ـ سمعت أنك تقضي وقتك في المقابر!!ـ وأنت أين تقضي وقتك ؟ـ أغزو عاماً وأحجّ عاماً وأُصلّي في اليوم مئة ركعة.!!. وها أنا كما ترى عزمت على الحج هذه السنة.سكت أبو وهيب قليلاً ثمّ قال:ـ يا هارون، مَن رزقه الله مالاً وجمالاً فواسى في ماله وعفّ في جماله كُتب في ديوان الله من الأبرار.ابتسم « الخليفة » وظنّ أن بهلول يريد أن يصيب شيئاً من كنوز هارون:ـ إنا أمرنا بقضاء ديونك.أجاب بهلول دون اكتراث:ـ لا تفعل ذلك، لا يُقضى دَين بدَين.. أُرْدد الحقَّ إلى أهله.ـ إذن نُجري عليك رزقاً.ـ أتظن أنّ الله يعطيك وينساني ؟!أمسك هارون بصُرّة فيها ألف دينار.. أراد أن يقطع بها لسان بهلول:ـ هذه ألف دينار خذها.. تستعين بها على دنياك.سقطت الصرّة عند قدمَي بهلول.. دفعها برجله وقال بلهجة فيها تحدٍّ:ـ أُرددْها على أصحابها فهو خير لك.سكت هارون، اعتصم بالصمت وقد ساد الوجوم الوجوه.. ظن بعض من يتمنى دنيا هارون أنّ بهلول قد مسه طائف من الجنّ.قال هارون وهو يحاول أن ينفذ إلى قلب بهلول:ـ إنّا نريدك للقضاء يا بهلول.قال بهلول مذعوراً:ـ ما أنا والقضاء ؟!ـ كيف وقد أطبق أهل بغداد على أنك أعلم الناس به ؟!ـ أنا أعرَف بنفسي من أهل بغداد..سكت قليلاً وأردف:ـ وأنا في ادّعائي بجهلي على حالين: صادقاً أو كاذباً، فإن كنت صادقاً فيما أقول وهو الحق، وإلاّ فلا يصلح للقضاء كذّاب!ابتسم « الخليفة » لمنطقه الفياض قائلاً:ـ أنت تتهرّب ليس إلاّ.. ولكن لا مفرّ لك من ذلك، عندما أعود من الحج سأجدك تقضي بين الناس.علت وجهَ الذي ركل الدنيا مسحةُ حزن، فقال بأسى:ـ دعني أفكّر.هتف هارون بلهجة الظافر:ـ كما تحبّ.. فلديك من الوقت ما يكفي..أدار بهلول وجهه وهو يقلّب أمره على خطرين.لم يغتَمّ بهلول في حياته مثل هذا اليوم، لكأنّ مصائب الدنيا كلّها قد تجمعت لتنزل على رأسه كالصاعقة.. لقد ولّى زمن السلام. وجد بهلول نفسه يمضي باتجاه المقبرة..شيئاً فشيئاً تلاشى الضجيج في أُذنيه وحلّ مكانه صمت مطلق.. لم يعد يسمع شيئاً حتّى خطاه.. فتدفق نبع من السلام في نفسه كما لو أن قلبه يغتسل في نهر بارد..عيناه تحدّقان في قبر بدا حديث عهد.. عجباً لهذا الكائن.. يقضي عمره في اللهاث وراء الدنيا يملأها ضجيجاً.. وربّما يسفك الدم.. يبني الدور ويعمّر القصور، ثمّ تكون نهايته بقعة صغيرة تحت الأرض.. لقد خفتت ضحكاته.. تبعثرت أحلامه وأمانيه.. وأخيراً أخلَد إلى الصمت.. أضحى بعد كل تلك الضجة ساكتاً.. يُصغي إلى الريح تسفي التراب وتشرب المطر..هتف بهلول:ـ لا.. لن أرمي نفسي في وسط الجحيم.. لتذهب إلى جهنم دنيا هارون.. ولتنخسف الأرض بقارون وكنوزه!خُيِّل إليه أنه يسمع صوتاً.. فيه صفير شيطاني:ـ أنت مجنون بهلول.. كيف تركل كل هذه الدنيا العريضة الجاه.. الثراء!هتف بهلول بغضب:ـ أجل.. أنا مجنون! مجنون.. مجنون..قفز من مكانه.. كمن تحرقه النار.. وراح يركض بكل ما أُوتي من قوّة.. قلبه يدق بعنف كطبول حرب مجنونة.. لعلّه كان يودّ أن يطير إلى السماء الزرقاء، إلى عالم مفعم بالصفاء..وجد بهلول نفسه يسير بمحاذاة جدول صغير نبتت على ضفافه شُجيرات قصب وأعشاب، مدّ يده إلى قصبة تصل إلى هامته.انتزعها من وسط الطين.. جرّدها من أوراقها الطويلة.. غدت كرمح.. هزّها بشدّة وقد شعّ من عينيه نور عجيب..مرّ رجل كوفيّ كان يمضي إلى زرعه.. هتف من بعيد:ـ ماذا تفعل هنا يا بهلول ؟!ـ لقد أعلنت الحرب على هارون!قهقه الرجل:ـ كيف ؟ أين سلاحك.. وحصانك ؟!هزّ بهلول قصبته:ـ هذا رمحي!ثم وضع القصبة بين رِجلَيه.ـ وهذا حصاني.وانطلق بهلول باتجاه الكوفة.. فيما غرق الرجل في نوبة ضحك وهزّ رأسه أسفاً:ـ لا شك أن الجلوس في المقابر قد أورثه الجنون.

Yousef يقول...

غير معرف

حرصت على وضع الإيميل الذي أرسلته لي عبر الإيميل لما فيه من معاني أقل ما يقال عنها أنها سامية و رفيعة !

ولا عجب من ذلك فهو تلميذ الإمام صلوات الله عليه

و شكراً على الإضافة الجميلة للموضوع